إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
130321 مشاهدة
الحكمة من المخلوقات

...............................................................................


ولا شك أن التفكر في هذه المخلوقات يدل العاقل على أن الذي خلقها هو المستحق لأنْ يعبد وحده، ولذلك نقلوا عن ابن كثير رحمه الله أنه قال: الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة. أي: الذي أوجدها وخلقها على غير مثال سبق؛ مع كبرها وسعتها واتساع أرجائها هو المستحق للعبادة. وكذلك الدلالة منها على أنه ما خلقها إلا ليعتبر بها العباد ويأخذوا منها دلالة على أنه ما خلق شيئًا عبثًا.
كل المخلوقات التي هي موجودة على وجه الأرض وأنها لحكمة ولو كان لبعضها ضرر على الإنسان لا يقال: لماذا خلق الله تعالى الحيات ذوات السموم؟ لا شك أن فيها حكمة من خلقها، أو لماذا خلق الله السباع الأسود والذئاب التي تفترس والتي تعدو على الناس وتقتل أو تذبح دوابهم؟ لا شك أنه خلقها لحكمة.
وأقل شيء أن يستدل بذلك على أنه تعالى خلق الأضداد وخلق كل شيء وضده كما يقول الله تعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ قيل: المراد بالزوجين الذكر والأنثى كما في قول الله تعالى لنوح احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وقيل: المراد بالزوجين هاهنا ما يتقابلان أي: كل اثنين متقابلين فيقال مثلا: الشمس والقمر زوجان، والليل والنهار زوجان، والسماء والأرض زوجان، والنور والظلمة زوجان وهكذا، ولا شك أن اللفظ يعم جميع ذلك، يعم القول بأن الله تعالى خلق المتضادين كما خلق الداء والدواء يعني: أنزل الأمراض، وأنزل الأدوية التي هي علاج لها؛ فكذلك خلق الموت والحياة وخلق الذكر والأنثى وأشباه ذلك.
يستدل بذلك كله على أن الخالق لهذه الأشياء أمر عباده بأن يعتبروا بذلك ويعبدوه حق عبادته.